تغييرات كبرى تلوح في الأفق

لقد أصبح معظمنا معتاداً على النقاشات حول دور الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية. من محركات البحث التي تقدم ملخصات توليدية، إلى الوكلاء شبه المستقلين الذين ينفذون المهام، أصبح الذكاء الاصطناعي جزءاً لا يتجزأ من البنية الرقمية التي نستخدمها جميعاً. ومن هنا تبرز أهمية إتقان ثقافة الذكاء الاصطناعي باعتبارها من أكثر المهارات حيوية في المستقبل.

وفقاً لأحدث تقارير LinkedIn بعنوان "الذكاء الاصطناعي والاقتصاد العالمي" (2025)، تُعد ثقافة الذكاء الاصطناعي المهارة الأكثر طلباً في إعلانات الوظائف، كما يُتوقّع أن تتعاون الشركات بشكل أكبر مع المؤسسات التعليمية لتدريب موظفيها على هذه الثقافة. وبينما قد تحدث تحولات تنظيمية لدعم هذه الحاجة في الأوساط الأكاديمية، فإن أمناء المكتبات على وجه الخصوص مؤهلون لتعليم هذه الثقافة، نظراً لخلفيتهم الراسخة في مجال الثقافة المعلوماتية وتركيزهم القوي على التحقق من صحة المعلومات.

ومع ذلك، فإن العديد من أمناء المكتبات يحاولون مواكبة التطورات التكنولوجية الجديدة، ويتطلعون إلى كيفية مواءمة معارفهم السابقة مع آليات عمل الذكاء الاصطناعي وكيفية استخدامه في البحث العلمي.

في ديسمبر 2024، أعلنت EBSCO عن تطوير دورة قصيرة حول ثقافة الذكاء الاصطناعي، استناداً إلى تجارب أمناء مكتبات بدأوا بالفعل بتدريسه، وخبرات موظفينا في ممارسات الذكاء الاصطناعي المسؤولة. تهدف الدورة إلى تقديم نصائح حول تقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي وكيفية تعليم هذه الثقافة. وهي متاحة مجاناً للجميع، ولا تتطلب أي مؤهل أكاديمي متقدم.

ندعوكم لاكتشاف خلفيات وأهداف الدورة قبل البدء — وشاركوها مع من تعتقدون أنها قد تهمه!

تطور جديد لمهنة المكتبات

على مدار التاريخ، واكب أمناء المكتبات كل التحولات الكبرى في عالم المعلومات: من البطاقات المفهرسة إلى الإنترنت، ومن الأرشيفات الورقية إلى قواعد البيانات الرقمية، وها هم اليوم أمام مشهد جديد يتمثل في الذكاء الاصطناعي. ورغم كل هذا التطور، بقيت مهمتهم الأساسية ثابتة: إرشاد الأفراد إلى كيفية الوصول إلى المعلومات وتقييمها واستخدامها بطريقة أخلاقية وفعالة.

اليوم، ومع التحوّل الذي أحدثه الذكاء الاصطناعي في إنتاج المعرفة واكتشافها وتوزيعها، تعاود مهنة المكتبات تطورها — لا من خلال التخلي عن الأسس التقليدية، بل من خلال توسيعها. المرحلة القادمة هي "ثقافة الذكاء الاصطناعي"، وربما سنرى أمناء مكتبات يشغلون أدواراً خارج الإطار التقليدي للمكتبة، تحت مسميات جديدة وواجبات متنوعة.

الثقة، وهي مورد يمكن فقدانه بسهولة ويصعب اكتسابه، أصبحت الآن في صلب استخدام الذكاء الاصطناعي: هل يمكن الوثوق بمخرجاته؟ هل يمكن التحقق منها؟

راجعوا مدونتنا السابقة في Library Journal والتي تسلط الضوء على كيفية تجسيد خيال المكتبات في أدب الخيال العلمي ضمن مكتباتنا اليوم، والدروس المستفادة من تلك الرؤى.

ثقافة الذكاء الاصطناعي: الامتداد الطبيعي لثقافة المعلومات

ليست ثقافة الذكاء الاصطناعي منفصلة عن ثقافة المعلومات، بل هي تطور طبيعي لما علّمه أمناء المكتبات لعقود. فكما نعلّم المستخدمين كيفية التساؤل عن مصادر المعلومات، وفهم التحيز، والتحقق من الحقائق، علينا اليوم أن نعلّمهم كيفية تحليل الخوارزميات، وتقييم مخرجات الذكاء الاصطناعي، وفهم الآثار الاجتماعية والنفسية للأنظمة المؤتمتة.

يمكن لأمناء المكتبات أن يتعاونوا ويؤثروا على المعنيين بتطوير الذكاء الاصطناعي لضمان استخدامه بطريقة مسؤولة، ومساعدة المستخدمين على تقييم مدى موثوقية وأخلاقية تلك المخرجات، ومن بين هؤلاء:

  • الأكاديميون والباحثون الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي في النشر والتدريس
  • قادة الشركات الذين يحتاجون لفهم المخاطر والحدود التقنية
  • صناع السياسات الذين يتناولون قضايا الخصوصية والأمن والمجتمع
  • مطورو التكنولوجيا الذين يمكنهم الاستفادة من الرؤى الأخلاقية المتمحورة حول المستخدم
  • العامة الذين يحتاجون إلى إرشادات موثوقة وسهلة الفهم حول أدوات الذكاء الاصطناعي

وبوصفهم مهنيين محايدين وموثوقين، فإن أمناء المكتبات في موقع مثالي لربط هذه الأطراف ببعضها.

جزء من التحدي في تطبيق والالتزام بالممارسات المسؤولة للذكاء الاصطناعي يكمن في أن مصطلح "الذكاء الاصطناعي" غامض، نظراً لعدم وجود تعريف موحّد ومعتمد له.

من مكتب المراجع إلى قاعات الاجتماعات

تخيلوا تأثير أمناء مكتبات يقودون مبادرات لتعليم ثقافة الذكاء الاصطناعي على مستوى الجامعات، أو يتعاونون مع فرق الموارد البشرية لتدريب الموظفين في الشركات، أو يستشارون في وضع السياسات والمعايير الخاصة بالذكاء الاصطناعي. هذا ليس ضرباً من الخيال — بل هو واقع نعيشه بالفعل. العديد من أمناء المكتبات يعملون حالياً على إعداد مناهج تعليمية، وتنظيم ورش عمل عامة، وتجميع أدوات تعليمية للذكاء الاصطناعي، وتقديم المشورة بشأن السياسات المؤسسية.

من خلال إثارة النقاش وتعزيز التعليم حول الاستخدام المسؤول للذكاء الاصطناعي، يمكن للمكتبات أن تلعب دوراً مضاداً للتضخيم الإعلامي، وتوفر توجيهاً موثوقاً ومبنيّاً على أسس علمية.

احتضان المرحلة التالية من تطور المكتبات

تعلُّم كيفية عمل الذكاء الاصطناعي، والتعرف على مخاطره، وكيفية تدريسه بشكل فعّال، هو وسيلة للمشاركة في رسم معالم مستقبل مهنة المكتبات. لن نكون فقط متلقين للتغيير، بل مشاركين في توجيهه. سنضمن أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي في التمكين وليس الاستغلال، في الإضاءة وليس التعتيم، في خدمة المعرفة لا تشويهها.

ولهذا السبب أطلقنا في EBSCO أول دورة قصيرة في ثقافة الذكاء الاصطناعي، لمساعدة المهنيين الذين يحاولون اللحاق بالتطورات، وفرز الحقائق من الضجيج، وتمكين مجتمع المكتبات من مشاركة تجاربهم ودروسهم ونصائحهم.

وتشمل الخطط المستقبلية للدورات القصيرة:

  • نصائح لدمج الذكاء الاصطناعي في التدريبات الحالية: دمج ثقافة الذكاء الاصطناعي في جلسات الثقافة المعلوماتية، والتحدث عن أدوات التوليد إلى جانب تقييم المصادر.
  • كيفية بناء شراكات متعددة التخصصات: أفكار للتعاون مع الأقسام المختلفة، وصناع السياسات، وهيئات تطوير المعايير.
  • موارد التوعية: نشر أدوات للذكاء الاصطناعي، وأدلة أخلاقية، وسيناريوهات استخدام، تركز على جعل موارد الثقافة الرقمية متاحة وقابلة للمشاركة.

يتجه أمناء المكتبات إلى أدوار جديدة كشركاء في الذكاء الاصطناعي المسؤول، وكمرشدين موثوقين في تقييم مخرجاته، ولكن كثيرين يبحثون عن نقطة الانطلاق في هذا المجال الناشئ. فإذا لم يكن بالإمكان الوثوق بمخرجات الذكاء الاصطناعي، فإنها تفقد قيمتها. وهنا يأتي دور EBSCO في دعم أمناء المكتبات لصياغة مستقبل أكثر وضوحاً وثقة في عالم الذكاء الاصطناعي.

لقد أرشد أمناء المكتبات أجيالاً في خضم تحولات المعرفة — فلنواصل هذه المهمة من جديد!

اكتشفوا الجزء الأول من سلسلة دورات الثقافة الرقمية للذكاء الاصطناعي المقدمة من EBSCO.